جاء في الإستطلاع: من منطقة العند الشهير إلى طور الباحة، فالمضاربة وراس العارة، وباب المندب، وبامتداد(95)كم،شمال غرب، تقع بلاد الصبيحة.وعاصمتها طور الباحة المدينة القابعة في أحضان ثلاث مديريات . من الشمال.حيفان (تعز) ومن الشرق القبيطة، ومن الغرب المقاطرة . وعلى امتداد مساحة ثمانية آلاف كيلومتر مربع تقريباً سكن أحفاد (ذو أصبح) عمروبن الحارث بن عوف بن زيد بن سدد بن زرعة وهو حمير الأصغر..تأتي إلى طور الباحة لتجدها في حركة دائبة طيلة أيام الأسبوع . وإن شئت أن تعيش سوق عكاظ العربي التاريخي تعال إلى طور الباحة السبت)إنه سوق طور الباحة الشهير، وبه تسمى (سوق السبت) لا أدري بالضبط لم السبت سوقاً لأبناء الصبيحة؟ ولكن المعروف أن الأربعاء سوق لأبناء المقاطرة، والخميس سوق لأبناء القبيطة، والجمعة سوق لأبناء الآثاور والأعبوس ، ويوم السبت ملتقى الجميع في (طور الباحة.الزائر لسوق السبت سيكون بين أشهر قبائل العرب القحطانية حيث ما زالوا ينطقون(أم)الحميرية بديلاً عن (أل) للتعريف منذ لقنهم جدهم (أصبح) كما مازالوا يحتفظون بخناجرهم ذات الرؤوس الفضية العتيقة، وهي جزء من السيوف الحميرية( امجنبية) حقي وحق أبي وجدي ما بيعهاشي حتى لو يندوا لي وقر أم جمل ذهبو).وإذا يخاطبك (هلم جنابي شل امشقر أمواله وامبياض وامحنون وامكاذي بخمسين)وإذا يدعوك(ندرشل امدجاجة قدها بكرو وأخوها امديك وامرر به الأرنبة قدها تَلِد كل واحد بمئتين).وفي جانب آخر تجد الشعراء يتبارون بأشعارهم في منتدى الفضول للإبداع الأدبي والفني قصائد ومساجلات شعرية بالعامية تصل إلى أفصح ما يكون في يوم السبت. ففي يوم السبت يباع كل شيء، ويشترى كل شيء حتى نسخ من المساجلات الشعرية للشعراء. ألم أقل لكم أننا في (سوق عكاظ)،يوم السبت وأنت في طور الباحة تدخل السوق فتأخد كل شيء وإن لم تشتر فإنك لا تخرج إلا وأنت ممتلئ السريرة ومنشرح الخاطر، وقد انطبعت في ذاكرتك أشياء جميلة لا تفارقك طيلة حياتك عن السوق والناس وبساطة الحياة. فلم يكن القاص(محمد عبد الولي) من أبناء طور الباحة بل كان عابراً لبضع ساعات في أحد أودية طور الباحة ، وقد جاء متأخراً إلى سوق السبت ، فكتب فصلاً من أحلى فصول روايته ( الأرض يا سلمي ) فكيف به لو جاء مبكراً وزار السوق ، واستمتع بمشاهد الحياة، حتماً سيؤلف أجمل رواية.
الصبيحة مهد الإنسان الأول .
ومدائن إرم ذات العماد.هناك حكاية متوارثة ومتداولة بين أبناء الصبيحة تقول بدايتها (بين الخضيراء والأخضر، والحبيل الأحمر ، ألف كرسي وألف منبر، وألف قبة مزهر، وألف عدة مشجر).الخضيراء منطقة أثرية قيل أنها كانت أحد المراكز الهامة للدولة اليعفرية، تم بناؤها على أنقاض مدينة حميرية قديمة، تقع على مسافة كيلومتر ونصف تقريباً من مدينة طور الباحة ، وهي في النهايات الشرقية للسلسلة الجبلية الممتدة من قلعة المقاطرة ، فالمحمية الطبيعية (إرف) الواقعة على الغرب من طور الباحة . وقد تعرضت آثار هذه المدينة للعبث، والتخريب، والنهب من عهد الإستعمار البريطاني وما بعده، حيث إن أحجار هذه المنطقة تم أخذها من قبل المواطنين لغرض بناء مساكنهم وإعمار مدينة طور الباحة القديمة. أما بعض العملات والأواني الحجرية والخزفية فما زال بعض المواطنين يحتفظون بها في منازلهم ، حيث لم يبق من هذه المدينة الأثرية العملاقة إلا بقايا خرائب ومقابر وأطلال متناثرة على مساحات شاسعة من الأرض . والأخضر كما يبدو هي القمم الجبلية المقابلة للخضيراء في قاع الوادي في اتجاه الشرق على بعد خمسة عشر كيلومتراً تقريباً، وتسمى حالياً ( الخضر واليابس ) وهي قمم جبلية تابعة لمديرية القبيطة . أما الحبيل الأحمر فهو في الإمتداد الطبيعي لمنطقة الخضيراء إلى اتجاه الغرب ، وهو حبيل مستو واسع، امتداده أكثر من ثلاثة كيلومترات جزء منه تابع لمعبق عاصمة المقاطرة. ويسمى حالياً حبيل عثمان ( إمنهام ) في هذا الامتداد الواسع بين المناطق المشار إليها توجد العديد من الآثار والأطلال والخرائب والحصون والمقابر، مما يؤكد فعلاً وجود أكثر مما هو في الحكاية المشار إليها. فمن يكشف أسرار هذه المدن ويحافظ عليها؟!
كما أن جبل ( تلا ) الواقع إلى الشمال الغربي لمنطقة العند التابعة للصبيحة، يقال أنه من أقدم جبال شبه الجزيرة العربية ، حيث عثر على بقايا حجرية تعود إلى العصر الحجري الأول . وذلك يدلل أن بلاد الصبيحة كانت مهد الإنسان الأول على الأرض . أكثر من ثلاثين بئرأ غسانية مازال يستخدمها أبناء الصبيحة حتى الآن . فهل كان الغسانيون على درجة كبيرة من العلم ، حين حفروا تلك الآبار ، التي بعضها في صميم الصخر، والتي لا ينضب ماؤها حتى في عز الشح ! أما أن الآبار المطوية بالأحجار من أسفلها إلى أعلاها سميت بالغسانية حتى لو لم يبنها بنو غسان؟ ففي كلا الحالتين يبقى الفضل لبني غسان ولو اسمياً . حيثما تتجه في بلاد الصبيحة تجد الآثار ماثلة أمامك خرائب ضخمة ، معابد وأشباه مدن ، حصون ومقابر ومدافن وجبال منحوتة صخورها طرقاً ، وخزانات مياه ومساكن لرجال أشداء عاشوا هنا وتركوا كل ذلك!! ففي منطقة الحنيشة ( شعب الأسفل ) الواقعة إلى الشمال الشرقي من طور الباحة العاصمة، وعلى بعد ثلاثة كيلومترات توجد مدينة أثرية متكاملة. في بطن الجبل ، مبان وحصون دور ومدافن وأبار منحوته في الصخر، مازال ماؤها جاريا ً، طرق منحوته بالجبل، وأخرى مرصوفة بالأحجار، وبعناية هندسية ، وطرق تؤدي إلى الضفة ألأخرى هناك ، وعلى مسافة اثنين كيلومتر من المدينة الأولى ، هناك ارتباط وثيق بينهما. لمن هذه المدائن والآثار؟ ومن سيحافظ عليها.؟! أما في منطقة ( الأعروق ) إلى الجنوب الغربي من طور الباحة بمسافة عشرين كيلومتراً تقريباً فتوجد منطقة أثرية ضخمة، آثار القصور على مساحة كبيرة من الأرض قيل أن الرعاة استخرجوا منها تماثيل رخامية وكراسي حجرية وعملات ذهبية وفضية وعقود من اللؤلؤ، تم بيعها بأثمان بخسة حيث قيل أن هذه المدينة كانت تابعة لأحد ملوك حمير، وأن تلك التماثيل الرخامية والبرونزية كانت تقدم قرابين للآلهة. فمن يحمي كل الآثار من النهب والعبث والتخريب؟! وإلى الجنوب الغربي من طور الباحة وفي منطقة ( شعب ) وفي العام 1985م.كان أحد المواطنين يستصلح أرضه فاستأجر جراراً (حراثة) لهذا الغرض وعند البدء لا حظ أن الجرار ( الحراثة ) دفع بقطع صغيرة صفراء فأوقف الجرار ونزل منه السائق وتدافع هو ومالك الأرض لالتقاط تلك القطع وتجميعها وتتبع مصدرها ، حيث وجد أن كوزاً خزفياً كان ممتلئا بمثلها وأن الجرار قد شق ذلك الكوز نصفين حيث مازال النصف الآخر ممتلئا بما تبقى ، فقاما بتجميعها ، واختلفا على قسمتها ، فتشاجرا وأوصلاها إلى الدولة، حيث تم إيصال بعضها إلى متحف الآثار بعدن، وتم إعطاء مالك الأرض وصاحب الحراث مبلغ عشرة آلاف درهم مكافأة لهما بعد أن وجدوا أن تلك القطع هي عملات ذهبية خالصة تعود للدولة الصليحية . أما في منطقة ( الفجرة ) والتي لا تبعد كثيراً عن سابقتها فتوجد منطقة أثرية أخرى قيل أنها كانت ميناء بحرياً فانحسر ماء البحر عنها فلم يبق في كل المنطقة (الميناء) إلا خرائب وطرقاً منحوتة في الصخر وأطلالاً ما زالت تقاوم . فهل ميناء الفجرة كان أحد الموانئ اليمنية القديمة لتجارة المر واللبان والبخور قبل ميناء (المخا ) لتجارة البن الشهير؟. هذا ما ستكشفه الأيام القادمة. وعلى مسافة ليست ببعيدة عن ذلك أي إلى الجنوب من طور الباحة وبمسافة لا تزيد عن عشرة كم . وفي منطقة تسمى (طور الهشمة) توجد بقايا أطلال لمدينة كبيرة من أسفل الطور إلى أعلاه، وبقايا آثار لسوق واسع وأثر لمقابر قيل أن طول القبر أكثر من سبعة أمتار، وقيل أن هنالك من قام بنبش تلك القبور وعثروا على أدوات بجانب تلك الجثث الضخمة. وهي عبارة عن سيوف وتماثيل أخرى . وفي منطقة المضاربة حيث جبل (حواب) يتحدث الجميع عن هذا الجبل وأسراره، حيث توجد الآثار المنحوته على الجبل من أسفله إلى أعلاه. وحيث توجد الأشجار النادرة التي لا يوجد مثيل لها إلا في حوض البحر المتوسط، ويحكي أبناء الصبيحة أن هذا الجبل كان متنزهاً سياحياً لملوك حمير. وأن أروى بنت أحمد الصليحي اتخذته أيضاً متنزهاً لها أثناء حكمها لليمن . فمن يعيد لتلك الأماكن حيويتها ؟ ومن يحافظ على تراثنا من الخراب والتخريب ؟! وفي بلاد الصبيحة الآلاف من المدن الأثرية القديمة جداً جداً، وملف الآثار لمنطقة الصبيحة مازال معلقاً. حيثما تتجه شرقاً وغربا وشمالاً وجنوباً في بلاد الصيحة تجد الآثار. مدناً كثيرة وأنفاقاً حفرت في الجبل بأشكال هندسية، حكايات في أدنى الخضيراء بالقرب من طور الباحة عاصمة الصبيحة. وقد تم العثور على أول نفق فعلاً. مدن أو مدائن كثيرة جداً حتى يخال إليكم أن بلاد الصيبحة كانت مدينة واحدة بجميع أبعادها ذلك سيكشف لاريب عن أسرار ( إرم ) ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد. والتي ذكرت في القرآن الكريم . فمن يفك تلك الأسرار، ويكشف عن تلك الحقائق ويحافظ على تلك الآثار؟!